التحصيل المدرسي موضوع يهم
الآباء والأبناء معا، ذلك لاتصاله بالمستقبل التعليمي والمهني للأبناء. وما من أم
أو أب إلا ويريد أن يرى أبناءه من المتفوقين في دراستهم المختلفة. وكثيرًا ما
يصاب الآباء بخيبة أمل كبيرة عندما يشاهدون أنه بالرغم من العناية والاهتمام
الموجه لأبنائهم لكي يرتفعوا بمستوى تحصيلهم، فإنهم في هذا المجال متعثرون
في دراستهم.
ويعانوا من صعوبات التعلم ، فالمشكلة مزدوجة المسؤولية أحد طرفيها سوء تدبير المناهج وتخلف طرق التدريس وطرفها الأخر البيت وما يقدمه من دعم مادي ومعنوي للطفل.
بداية
تفرض بعض الأسئلة نفسها مثل ماهي صعوبات التعلم التي تواجه الطفل؟ وكيف
نتجنبها ومادور الغذاء في تنمية الذكاء؟ وما السبيل الى الخروج من فكي
الفوهة التي تحيط بمستقبل أمتنا من خلال تعرض أطفالنا لهذا الحصار؟
ان
أسلوب معاملة الوالدين لأبنائهم يؤثر كثيرا في مقياس ومستوى ذكاء الابن،
فهناك كثير من الأسر تقوم بتقييد حركة الأبناء ذلك بعدم السماح لهم بالخروج
الى المتنزهات والمكتبات والأماكن العامة، ولكن هذا الأسلوب يعد من أكبر
الأخطاء التي يقع فيها الوالدان والأفضل أن تتم مصاحبة ومصادقة الأبناء
والتعرف على أصدقائهم.
ولابد
من القول أن العلاقة المباشرة مع الأبناء تترك أثرها الواضح في مستوى
ذكائهم، ومن الضروري أن يتفهم الوالدان طبيعة دورهم الحيوي في انماء ذكاء
أبنائهم سواءا بالحوار أو المعلوماتية المتفهمة، أو بتقديم أنواع الغذاء
المفيد الذي يساعد على تنمية ذكائهم، فقد ثبت أن سوء التغذية يعد أحد
العوامل التي تؤدي الى صعوبة التعلم نتيجة عدم حصول المخ على الكمية
اللازمة له من الدم المغذي له والمحتوي على عناصره الكاملة، وسوء التغذية
هو بلا شك من مسؤولية الأبوين لأن السلوك المتبع في الغذاء واختياره له
أثره المباشر على ذكاء الابن أو الطفل، فقد أثبتت التجارب العلمية أن
التأثير الايجابي الملحوظ الذي تحققه العناصر الغذائية الطبيعية الموجودة
في الطعام، تساعد على تحسين قوة الذاكرة والتركيز، حيث أشارت الأبحاث الى
أن عنصري “الكولين” و«البانتوتونيك أسيد” يعدان من العناصر الأساسية التي
تحسن من سرعة استرجاع المعلومات عند الأطفال، وياحبذا لو أضفنا الاهتمام
بالفيتامينات خاصة فيتامين (ب) المركب و(هاء) و (ج) التي تعمل جميعها على
تحسين أداء الجهاز العصبي، وتنمية الذكاء وقوة التركيز وزيادة النشاط
الذهني لكل التلاميذ وللكبار أيضا.
الغذاء وصناعة الغباء
ان
الجهل بأصول التغذية وقواعدها هو من المشاكل التي مازالت تتحدى شعوب
العالم المتخلف، فمن المعلوم أن التغذية فمنذ مايزيد عن قرن من الزمان
أصبحت علما قائما له أصول وقواعد، خاصة بعد اكتشاف أكثر من خمسين نوعا من
المواد الغذائية كلها مركبات كيميائية (٠فيتامينات -أملاح معدنية –أحماض
دهنية)، فكل هذه الأنواع لا توجد مجتمعة في نوع واحد من الأطعمة وبالقدر
المطلوب، لذلك ينصح علماء التغذية بتناول ألوان من الأطعمة المتنوعة لتوفر
المواد الازمة لغذاء متكامل لحم سمك، حليب ومشتقاته، خضروات، حبوب زيوت
....الخ). ويصبح تطبيق هذه التوصيات أمرا مهما اذا عرفنا تأثيرها على أجسام
أطفالنا في طور النمو، وماتوفره لها من عمل متوازن وفعالية في تنشيط
وتنمية المخ ومن ثمة تنمية الذكاء، هذا بالاضافة الى أن أعضاء الجسم الأخرى
وأنسجته وخلاياه تحتاج طيلة الحياة الى تجديد مستمر، والى البناء المتجدد
لذلك فهي تحتاج الى مايساعدها للقيام بمهامها هذه، وهو ما توفره لها
الأطعمة التي يتناولها الانسان خاصة وهو طفل، فاذا كان الغذاء ناقصا يتعرض
الجسم كله الى خلل في النمو مايؤدي الى نقص كفاءة المخ التي نعني بها
الغباء او قلّة الذكاء .
من
ناحية أخرى فإن الذين يتناولون أكثر من احتياجات أجسامهم يتعرضون هم أيضا
بسبب الافراط في الأكل الى أمراض خطيرة، أولها وأخطرها مرض السمنة الذي
يسبب خللا في الأداء الطبيعي للقلب والأعضاء الأخرى في الجسم، وصدق الله
العلي العظيم، إذ يقول “كلوا واشربوا ولا تسرفوا”، وفي الحديث الشريف “نحن
قوم لا نأكل حتى نجوع واذا أكلنا لا نشبع”، ويضاف الى مشكلة الكم مشكلة
النوع فلا يكفي أن نعتني بالكمية وحدها بل يجب أن نهتم كذلك بنوع الأطعمة
التي يتناولها الطفل، حتى تكون متكاملة و تستجيب لحاجات النمو البدني
والذهني ولتقوم كل الأعضاء بكل وظائفها على الوجه الأكمل، وهذا الأمر ليس
من الصعب تداركه ذلك أن بامكان كل شخص الحصول على غذاء متوازن بأقل
التكاليف، فللحصول على هذا الغذاء المتوازن يجب أن يكون محتويا على
السكريات والزلاليات والدهنيات والأملاح المعدنية والفيتامينات.
وسنتناول
بالتفصيل كل عنصر غذائي من هذه العناصر كي تتضح الصورة أكثر، فالسكريات
توفر نصف احتياطات الجسم من السعرات الحرارية ونجدها في الخبز والبطاطا
والعجائن والأرز والمواد السكرية، حلوى، مشروبات الخ.. ونجدها كذلك في
الخضر التي توفر اضافة الى ذلك الفيتامينات والأملاح المعدنية، أما
الدهنيات فهي مصدر كبير للطاقة اذ توفر ضعف الكمية التي توفرها السكريات،
يوفر أربع سعرات حرارية بينما غرام واحد من الدهنيات يوفر تسع سعرات
حرارية، كما توفر بعض الدهنيات وبعض الأحماض الدهنية وتعطي الدهنيات نكهة
لذيذة للأطعمة.
الزلاليات:
لها دور مهم في تكوين خلايا الجسم لذلك يجب توافرها بكمية كبيرة تكفي
لتكوين الأنسجة وتحافظ على سلامتها، وقدرتها على التجدد كما تساهم في دفاع
البدن ضد التعفن، اذ تمثل المادة الخام للأجسام المضادة كسلاح فعال في هذه
المقاومة، وتركيب الزلاليات يتم باتحاد 22 حامضا أمينيا منها ثمانية أساسية
أي غير مصنعة من طرف الجهاز البدني، ويجب أن تكون متوافرة في الأطعمة
والزلاليات التي تحتوي على الأحماض الأمينية تسمى كاملة، وهي من أصل حيواني
( لحم - دجاج - سمك - بيض - حليب - ومشتقاته)، أما الأحماض التي هي من أصل
نباتي (الحبوب والخضر) فتسمى غير كاملة أو ناقصة و بالتالي فإن اتحاد
نوعين من هذه الزلاليات يكون مفيدا جدا(لحم مع بطاطا عجين مع حليب وهكذا)،
وللحصول على الزلاليات يمكن اضافة بعض الأطعمة الأخرى الى الحبوب وأهم هذه
الأطعمة البقول مثل الحمص –الفول-العدس والجلبان وتحتوي كلها على أحماض
أمينية قادرة على تعويض الأحماض الموجودة في الأطعمة الحيوانية.
الفيتامينات:
هي عناصر ضرورية تقوم بدور وظيفي فتساعد الجهاز البدني على القيام
بمهاماته المختلفة، وغياب هاته الفيتامينات أو بعضها في الغذاء يسبب أمراضا
مختلفة أهمها الحصاف ومرض الحفر.
فيتامين
(أ): وهو ضروري للحياة والنمو خاصة للأطفال ،وهو يقاوم التعفن ومهم
بالنسبة لجلد الأطفال ويوجد فيتامين (ب) في الحليب والكبد والزبدة والجبن و
صفار البيض والخضروات مثل الجزر، وفقدان هذا الفيتامين يسبب الرؤية
الشفقية وتوقف النمو.
فيتامين
(ب): هو مركب فيتاميني يتكون من تسعة فيتامينات منها “ب1” و«ب2”، “ب3”،
“ب6”، “ب12”، وهذا الأخير فقدانه يسبب الشلل ونستطيع الحصول عليه من أشعة
الشمس المتوافرة في بلادنا والحمد لله.
فيتامين (ك): هو عامل ضروري لتجلط الدم ويصنع فيتامين (ك) في الأمعاء، فيتامين (و) ويوجد في الزيوت النباتية وفي الخضر.
فيتامين (ج): ضروروي للمحافظة على الأسنان وسلامتها وهو يساهم في تكوين شبكة الأوردة الدموية ويوجد في الخضر والفواكه.
على مائدة العلماء
ولأن
الطعام هو المدخل الطبيعي الأول لنمو الذكاء لدى الأطفال، فقد حظضيت
محتويات الطعام والفيتامينات والعناصر الدقيقة باهتمام أكثر من 100 عالم و
متخصص في التغذية، وتوصلوا الى أن الجسم وقوته تتم بتناول وجبة غذائية
متكاملة ومتوازنة تشمل اللحوم والخبز والأرز والخضروات والسلطة
ومعهاالفاكهة وأيضا حبة طماطم وخيار وجزر وبيض مع قطعة جبن وخبز وعسل أسود.
ان الجسم يحتاج بجانب الفيتامينات المعروفة الى عناصر دقيقة تشمل الصوديوم
البوتاسيوم، الكلوريد والكبريت وأخرى دقيقة، وهي اليود، الزنك والنحاس
وهذه العناصر يمكن تصنيفها الى ثلاث مجموعات:
الأولى تشمل الأوكسجين والنيتروجين والهيدروجين، ويحصل عليها الانسان من الماء.
الثانية
يحتاج منها الجسم الى 100 ميللغرام في اليوم الواحد، وتوجد في الألبان
والبيض والجبن والأسماك البحرية والخميرة واللحوم والكبد والفول السوداني
والخضروات الورقية كالفجل والجرجير والسبانخ والبقدونس.
ان سوء
التغذية هو سبب ضعف القدرة على التركيز، وبالتالي هو أحد الأسباب الرئيسية
في وقوع الطفل تحت وطأة صعوبات التعلم، ومن ثمة تأخر نمو الذكاء عند الطفل
المرتبط بضعف البنية، حيث أن ضعف البنية لدى الطفل وعدم اكتمال عناصر
الطاقة هو محور مهم في خلق صعوبات التعلم، فالأمر اذن لا يقتصر على حشو
المقررات الدراسية أو طول المناهج وانما يرجع بالأساس الى اهتمامنا بتغذية
أطفالنا غذاءا صحيا ومتكاملا.